قال أحدهم في وصف الربيع:

قال
أحدهم في وصف الربيع:
أما ترى الأرض ألبست حللاً[1] ... من نسج أيدي السحائب الصوب[2]
كأن أشجارها وقد كسيت ... بدائعها من حليها المعجب
من أحمر كالعقيق منظره ... وأصفر كالفريد لم يثقب
وأبيض فوقه سقيط ندى ... كماء ورد في عنبر أشهب
وثمر في الغصون تحسبه ... جامد مر في الجو لم يسكب
أو أنجم الشرق بان مطلعها ... فسرنا من مشرق إلى مغرب
خرائد[3] يلتقينا في عرس ... تسكن حيناً وتارة تلعب
والماء يجري خلال ساحتها ... كأنه جسم فضة ذوب
للصبا نفحة تذكرنا ... طيب نسي الصبا فما أطيب
والطير في أيكها[4] مغردة ... كأنها في منابر تخطب
أعجب بها من نواطق خرس ... توجز حيناً وتارة تسهب
تفهمني عجمة بألسنها ... معنى الكلام المبين المعرب
وقال آخر:
بكت السماء فأضحكت سن الثرى
... بمدامع نظمت عليه جوهرا
فكأنها خرقاء تنثر عقدها
... وكأنه مستغنم أن ينثرا
عكفت يداه على نظام فريده
... وجمانه فرداً لذاك مشمرا
فأعاده أبهى لطرف منظرا ...
وأعده أذكى لأنف مخبرا
فانظر محاسنا للربيع تبرجت
... لولا الربيع لما تجلت لورى
وقال آخر
في وردة لم تتفتح بعد:
خجلت إذ تأملتها العيون ...
خجلاً في احمرارها يستبينُ
وردة وردت دموعي شوقاً ...
للتي خدها بها مقرونُ
بنت غصن يقر بالكرم الدهـ
... ر لها في رياضها والغصونُ
واستسرت[5] عن العيون حياء ... وعرا عرفها[6] الذكي سكونُ
سترت وجهها ببرقعها واس ... تقبلنا من الفتون فنونُ
كالفتاة الحيية انتقبت كي ... لا يرى وجهها الجميل المصونُ
وقال آخر
في الياسمين:
وياسمين حسن المنظر ...
يفوق في المرأى وفي المخبرِ
كأنه من فوق أغصانه ...
دراهم في مطرف أخضرِ